وُلدت الكاتبة رايتشل لين في أمريكا، وهي متخصصة تنظيم اجتماعي وكاتبة في دبي. يجسّد كتابها الأول “في المنزل …في أي مكان” جزءً من مذكراتها وجزءً من رسالة حبِ إلى أي شخص يجد نفسه شريدًا مشتتًا. بل ويزخر الكتاب بالنصائح حول كيفية عيش حياة أكثر بهجة وأكثر قيمة. عندما غادرت راتشيل تورنتو متوجهة إلى دبي، لم تمكّنها خبراتها الواسعة في جميع أنحاء العالم وتجاربها الشخصية في العلاقة مع الذات من التأقلم مع هذا التغيير. وبغض النظر عن المكان الذي ينتمي إليه المرء، له أن يستلهم من هذه القطعة المقتطفة من أحد فصول الكتاب: إنشاء المجتمع المنشود… ولكنّ العثور عليه صعبًا.
في أول حدث تجاري مخصّص للنساء تواجدت فيه في دبي، سمعت بيانًا مفاده “يصعبُ تكوين صداقات جيدة هنا!” في تلك اللحظة أدركت أنني كان لديّ خيار. كان بإمكاني أن أفاضل بين الاعتقاد بصعوبة الأمر، بل بالشعور بالهزيمة، كما لو كان هناك شيء آخر يتراكم ضدي، أو اختيار عدم الاعتقاد بذلك في الأساس.
في جميع المدن التي تعجُ بالمغتربين، يغادر كثير من الناس أو ينتقلون، بعدها يقعون فريسة الشعور بفقدان صديق من جديد. كنت أعلم أنه كان عليّ أن أقرر أنني بصدد تكوين صداقات حقيقية رغم يقيني بأننا سنغيّر مواقعنا لا محالة. أردت أن اختبر نظريتي بأن هناك نساء أخريات في دبي يتوقون إلى بناء صداقات حميمية. بعد عدد قليل من المشاركات على انستجرام، بلغ عدد النساء الحضور في أول تجمّع بعنوان “مجتمع النساء في الخارج” في المقهى المحلي 14 امرأة. في الحدث الثاني بعد شهر، اضطررتُ إلى إخراج النساء لأن المقهى كان ممتلئًا.
إذا كنتِ ترغبين في بناء مجتمع لكِ فحسب، عليكِ التحقق من الأجزاء التي ترغبين في مشاركتها وكيف تريدين المساعدة بشأنها. إذا لم تجدي مجتمعًا قائمًا يحقق لكِ ما تبحثين عنه، فهذا يعني أنّ الفرصة ما زالت سانحة لتخلقي مساحة يشعر فيها الآخرون بأنهم جديرون بالاهتمام، واعلمي أن مساعدة الناس تبدأ بالمبادرة أولًا.
تصرّفي على طبيعتك… وفّري الوقت
أريد أن أؤكد على أهمية معرفة جوهر الذات ومشاركة ذلك مع العالم أجمع. وإذا شعرتِ بالوحدة، فليس من الصعب تكوين صداقات، أي صداقات، ذلك أنّ الإجهاد العاطفي والألم اللذين نغمس أنفسنا فيهما بالزعم بأننا مهتمين بأشياء لا تمثّلنا يعني أننا نخلق أساسًا زائفَا للصداقة، بل سينتهي بنا الأمر في النهاية بأن نسأم التظاهر. لا يوجد سبب لقضاء وقت عاطفي في خلق صورة غير حقيقية، بل أطلقي لنفسكِ العنان وكوني أكثر حرية حتى ولو بنسبة ضئيلة مما كنتِ عليه من قبل، وسيصبح المحيطون من حولك هم الاشخاص المناسبون.
نعم، ولكنّني انطوائية
صديقتي الانطوائية… أنتِ الأفضل لبناء المجتمع؛ لأن انطوائكِ لا يعني أنكِ لا ترغبين في التواصل مع الناس أو أنك سيئًة في القيام بذلك، بل إنه انعكاس لكيفية إعادة تنشيط ذاتك وتقويتها. وإذا كنتِ مثلي، فهذا يعني أنكِ تعيدين تنشيط ذاتك بالعيش في اوقات هادئة تقضيها في التواصل مع الآخرين. لا يعني وجودكِ في مجتمع أن تقودي المجتمع، إن لم يكن هذا هو ما تريدينه. بادري بالتواصل مع الأشخاص بطرق تشعركِ بالرضا.
يمكنكِ البدء بالإنترنت من خلال استقبال الرسائل او التعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويمكنكِ البدء بحضور فصول اليوغا والمواظبة عليها أو التحدث إلى زميلِ بجوارك. غامري بالتواجد هناك وادعيهم لتناول القهوة أو التنزه في الجوار.
في مشاركاتي عبر الإنترنت أو في حديثي مع آخرين، قلتُ إنني أبحث عن أصدقاء أو أحب قضاء المزيد من الوقت معهم. لا يوجد شيء نخجل منه عندما يكون واقعيًا! كل من استجاب لدعوتي لحضور التجمّع أخبرني سرًا أنه كان متوترًا قبل مجيئه، نحن جميعّا نخشى من رفض المجتمع لنا.
كوني شخصًا يساعد الناس على الشعور بالحب، ولكن في إطار قدراتك، وحينها سينشأ مجتمعك المنشود تلقائيًا. أنتِ تستحقين أن تكوني محطّ اهتمام الآخرين، لا تدعي الانطواء يجعلكِ تتوهمين بأنكِ بحاجة إلى أن تكبحي جماح قلبك في أن يراه الآخرون وهو في أوج مجدهِ.
أُتركي مساحةً للمشاركة
عندما تلتقين بشخص أو أكثر، فإنّ أسرع طريقة للمساعدة في تسهيل الترابط والتواصل هي خلق مساحة لمشاركة التجارب والخبرات الحياتية والشخصية. أمّا أنا، فأنا أفضّل مشاركة القصص، لأن رواية القصص في مجموعات صغيرة تتيح التواصل بشكل أسرع من التوجّه إلى منصة تواصل أو منتدى أعمال تكون فيه معظم الأسئلة الأولى “ما هي وظيفتك؟” أو “من أين أنت؟”. هناك العديد من الطرق للقيام بذلك، إذ يمكنكِ تكوين أسئلة يختارها الضيوف عشوائيًا من كأس للإجابات، وهناك مجموعة من البطاقات والكتب والمدوّنات التي تحوي أمثلة رائعة على ذلك.
لا تستلمي
بغض النظر عن وظيفتكِ أو دوركِ في المجتمع، حريُ بكِ الاستمرار في الظهور والتيقّن بأنكِ ستجدين مكانًا لكِ، والذي لن يكون بالضرورة في كل مكان، ولا ينبغي أن يكون في كل مكان. كثيرًا ما نكون في غاية السعادة من ترابطنا بمن هم “مناسبين” لنا على الورق (أو وسائل التواصل الاجتماعي) حتى أننا لا نتحقق من أنهم الأشخاص المناسبون لأرواحنا، سواء كانوا من الأسرة التي نشأنا فيها أو التي اختارتها لنا الحياة، فإنّ مجتمعاتنا متعددة الأوجه؛ مجتمع يبدأ بشخصين. انطلقي من هناك.
هذا مقتطف من كتاب راشيل لين، “في المنزل …في أي مكان: وكأنك في منزلكِ أينما ذهبت بكِ الحياة، وهو متاحُ من خلال منصة النشر الذاتي :Dreamwork Collective.