الصحة النفسية داخل الجامعة: “هناك الكثير من الضغوط”

ميج ناكاجاوا-هوفمان تدرك ماهية الصحة النفسية: فالطالبة التي تدرس بجامعة نيويورك-أبو ظبي كانت تخضع للعلاج من الاكتئاب وهي في عُمر السابعة عشرة.

ومنذ ذلك الحين سعت الفتاة للعثور على طبيب نفسي وبدأت العلاج، وبعدها انتحر ابن عمها الذي كان يعاني من مشكلات نفسية، وباتت هي مُصمّمة على وضع مشكلة الصحة النفسية على الخريطة، وبطريقة تؤدي للوصول إلى نتائج جيدة.

والفتاة التي تبلُغ من العُمر الآن 20 عامًا، والتي تدرس العلوم السياسية والقانون، تنحدر من أصول يابانية وجنوب أفريقية، وهي تعيش بين الولايات المتحدة والفلبين، أصبحت تريد التحقُق من أن جميع الناس يتحدثون عن مشكلة الصحة النفسية.

وتقول هوفمان :”حينما يتحدّث شخص ما عن تلك المسألة، فهو يشجع الآخرين على أن يحذوا حذوه، وأنا أريد استغلال قصة قريبي المنتحر كوسيلة لنشر الوعي، وأنه لا بأس إذا ما عانيت من ]مشكلات [ الصحة النفسية، وهناك أشخاص آخرين يعانون من ذات المشكلة، وبقدر حزني على وفاة هذا الشخص، فقد وجدتها فرصة لنشر الوعي وإحياء ذكرى وفاته”.

ولهذا السبب باتت هوفمان عضو في جماعة “ريتش”، وهي عبارة عن مجموعة تم تأسيسها بجامعة نيويورك-أبو ظبي تعمل على دعم من يعانون من مشكلات نفسية، وتقوم المجموعة بعقد جلسات منتظمة، حول كيفية قيام كل شخص بمساعدة الآخر، خلال الفترات المظلمة في حياته، والتعامُل مع الضغوط التي يتعرض لها الطلبة داخل الجامعة.

وتشير ناكاجاوا-هوفمان إلى أن مسألة الصحة النفسية تغيّرت إلى الأفضل، وتضيف قائلة :”يمكن لك أن ترى وتشعر بالدعم هنا، وجامعة نيويورك-أبو ظبي متفتحة ويسودها التسامح، لذا فهي بالفطرة منفتحة على بعضها، لكن دائمًا هناك المزيد الذي يجب علينا أن نفعله”.

والطلاب على مستوى العالم يواجهون مجموعة من التحديات لا نظير لها، وقاعات المحاضرات داخل الجامعات في الإمارات العربية المتحدة ينطبق عليها المبدأ ذاته، وفي جامعة مثل نيويورك-أبوظبي، والتي تعُد جاذبة للمتفوقين، فإن الجميع يبذلون جهودًا مضنية من أجل الوصول للهدف.

وتقول ناكاجاوا-هوفمان :”هناك الكثير من الضغوط، التي تجعل الكثير من الأشياء تحدث في وقت واحد، مثل أن تحظى بوظيفة رائعة، وأفضل برامج التدريب، وأعلى الدرجات، وتقوم بعمل علاقات جيدة للغاية، بينما أنت تعاني من تلك الضغوط، إنه شعور صعب للغاية، يتبعه القلق والاكتئاب”.

وجامعة نيويورك-أبوظبي مرتبطة بالمركز الأمريكي للصحة النفسية، حيث تتم إحالة الطلاب الذين يعانون من مشكلات صحية بشكل مباشر لهذا المركز، لكن هناك تحديات أخرى يجب على الطلاب مواجهتها، حتى وإن كان باستطاعتهم الحصول على الخدمات بتلك السهولة.

وتضيف ناكاجاوا-هوفمان :”هناك صديق لي بالجامعة، وهو عضو في منظمة “مع الأمل الإمارات العربية المتحدة”، وهي منظمة محلية معنية بالصحة النفسية، يقوم عليها مواطنين إماراتيين بغرض تقديم الدعم، وهو عمل تطوعي، وهم يعقدون حلقات نقاشية منتظمة، حول كيفية التعامل مع المشكلات النفسية المتنوعة، وقد بات واضحًا أن التركيز على التواصل الثقافي، والتحدُث بحُرِيّة لا تعد أساليب فعالة طوال الوقت، وحينما يقوم شخص ما بمواجهة أبويه والحديث عن مشكلة نفسية يعاني منها؛ فإن الإجابة المتوقعة التي سيحصل عليها منهما هي نصيحته بأن يلتزم بالتعاليم الدينية، وذلك على افتراض أن هذا الشخص الذي يعاني من تلك المشكلة هو غير متديّن في الأصل، وهؤلاء الأشخاص يجب أن يخضعوا للمزيد من العلاج، ومسألة استشارة شخص متخصص أو الخضوع للعلاج تعُد مسألة محرمة في نظر البعض”.

ناكاجاوا-هوفمان، التي تعاني أيضًا من اضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي، وتعاني من أعراض، بما فيها نوبات شهرية تصاب بها من القلق والرعب وأفكار الانتحار التي تراودها، تلعب دور المستمع الجيد داخل جماعة “ريتش”.

وتضيف :”أنا لست “مستشارة مُدربة”، لكنني قمت بتطوير مهاراتي المتعلقة بالتعامل مع مواقف وحالات محددة، مثل الحنين للأسرة والوطن، أو إذا ما أتى إلينا أحد الطلاب وأخبرنا أنه يريد الانتحار، فنحن نعلم كيف نقوم بتوجيه هؤلاء الأشخاص الى من يدعمهم”.

وقد تم التركيز بشكل كبير على الأضرار الناتجة عن الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، وما يرتبط بها من المقارنات الشخصية، وتمت الإشارة إلى ذلك في كتاب آي جين iGen الذي قامت بتأليفه جان ام توينج ونُشِر في العام 2018.

وعلى أي حال، فقد أكّدت ناكاجاوا-هوفمان على أن الإنترنت يحوي الكثير من الشر كما يحوي الخير، خاصة موقع إنستجرام.

وأضافت :”هناك الكثير من الحسابات الرائعة، يمكن متابعتها لاكتساب الوعي، حول مسألة الصحة النفسية، وأنا شخصيًا مُعجبة بتلك الحسابات”:

@LighthouseArabia WithHopeUA، @SelfCareIsForEveryone و MakeDaisyChains، وذلك لأن هناك مستشارين مؤهلين، يقومون بنشر منشورات مختلفة حول القلق، لذا فهي تعُد منشورات تربوية.

• تقوم جماعة ريتش التابعة لجامعة نيويورك-أبو ظبي باستضافة مؤتمر حول الصحة النفسية للشباب، سيشمل إقامة ورشة تفاعلية حول كيفية التعامل مع الضغوط، وتنمية استراتيجيات التعاون، واستخدام الفن من أجل العلاج، وإيجاد أساليب لدعم الطلاب داخل الجامعة، وسيقام المؤتمر في التاسع من نوفمبر.